• ارتفاع النفط مدعوما بآمال اتفاق تجاري وشيك .. وبيانات صينية تكبح المكاسب

    29/10/2019

    أسامة سليمان من فيينا

    سجلت أسعار النفط في تعاملات أمس ارتفاعات بفعل آمال بشأن اتفاق تجارة صيني- أمريكي، لكن بيانات صناعية صينية ضعيفة كبحت المكاسب.
    وارتفع خام برنت 26 سنتا بما يعادل 0.4 في المائة إلى 62.28 دولار للبرميل بحلول الساعة 13:37 بتوقيت جرينتش، كما زاد خام غرب تكساس الوسيط 0.3 في المائة بما يعادل 20 سنتا إلى 56.86 دولار للبرميل.
    ويقول مختصون ومحللون نفطيون إن أسعار النفط الخام جاءت استجابتها محدودة للمخاطر الجيوسياسية، وظلت تدور في مستويات متوسطة، لافتين إلى تأكيد صندوق النقد الدولي أن أسعار النفط العالمية تجتاز حالة من الانفصال النسبي عن التوترات الجيوسياسية.
    وأشاروا إلى أن ضعف التأثير على الأسعار أو ما يعرف بعلاوة المخاطر كان وما زال ناجما عن حدوث ارتفاع مقابل في مستوى إنتاج النفط الصخري الأمريكي، وكذلك تصاعد وتيرة النزاعات التجارية التي تضعف النمو العالمي.
    وفي هذا الاطار، قال لـ"الاقتصادية" روس كيندي، العضو المنتدب لشركة "كيو إتش آي" لخدمات الطاقة، إن بعض البيانات الاقتصادية عن الصين قادت إلى تراجعات سعرية في بداية الأسبوع بعدما تجددت المخاوف بشأن الطلب، خاصة أن الانفراجة المتوقعة في مفاوضات التجارة الأمريكية الصينية لم تتبلور ملامحها بعد وإن كان هناك بعض التفاؤل يحيط بالسوق في ضوء احتمال إبرام اتفاق مؤثر يضع حدا للنزاعات التجارية، التي تصاعدت على نحو واسع في الأسابيع الماضية.
    وأضاف أن التخفيضات الإنتاجية الحالية لتحالف "أوبك +" التي تبلغ 1.2 مليون برميل يوميا ويمتد تطبيقها حتى مارس من العام المقبل لم تدفع أسعار النفط إلى الصعود بالشكل الملائم لتعزيز موازنات أغلب الدول المنتجة، التي تحتاج بعضها إلى أسعار حول 80 دولارا للبرميل.
    وأضاف، أنه في الوقت نفسه مستوى غير مؤثر سلبا في الطلب، ولذا من الأرجح أن يكون اجتماع ديسمبر المقبل فرصة لتفاهمات جديدة لتحسين وتعزيز وضعيات اقتصادات الدول المنتجة بالتفاهم والتنسيق مع دول الاستهلاك.
    من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية" ألكسندر بوجل، المحلل في شركة "جي بي سي إنرجي" الدولية للطاقة، أن الاستثمارات النفطية ما زالت تنمو بوتيرة ضعيفة نتيجة بيئة الأسعار غير المشجعة وحالة عدم اليقين المحيطة بالاقتصاد العالمي.
    ولفت إلى تراجع اكتشافات النفط والغاز التقليدية منذ حدوث ما عرف بثورة وطفرة النفط الصخري الزيتي والتراجعات اللاحقة في أسعار النفط، ما أدى إلى انخفاض الاستثمارات إلى أدنى مستوى له منذ 70 عاما.
    وأشار إلى أن تباطؤ الاكتشافات والاستثمارات، ليس في صالح استقرار الصناعة، ولذا يجب أن تتعاون كل الأطراف لتنشيط الاستثمارات مرة أخرى، منوها إلى تقرير لشركة "ريستاد إنرجي" يؤكد أن هذا العام شهد اكتشافات جديدة لما يقرب من ثمانية مليارات برميل من النفط المكافئ مقارنة بعشرة مليارات برميل تم اكتشافها العام الماضي.
    من ناحيته، ذكر لـ"الاقتصادية" دان بوسكا، كبير المحللين في بنك "يوني كريديت" الدولي، أن النفط الخام وبحسب أغلب التقديرات الدولية سيظل يلعب الدور الرئيس في مزيج الطاقة العالمي.
    وأشار إلى أن دول "أوبك" متمسكة بالتزاماتها الدولية لمكافحة تغير المناخ وفي مقدمتها اتفاق باريس، وذلك على الرغم من شكوك الرئيس الأمريكي بشأن تغير المناخ ورفضه الالتزام بالحد من انبعاثات الكربون في بلده ودفعه لمزيد من استخدام الفحم والنفط.
    وأشار إلى قناعة كثيرين بأن موارد الطاقة، سواء الأحفورية أو المتجددة تتكامل ولا تتعارض، وأن منتجي النفط والغاز قطعوا خطوات واسعة في مجال رفع الكفاءة وتعزيز الاستثمارات النفطية لتتواءم مع معايير البيئة.
    بدوره، قال لـ"الاقتصادية" أندريه يانييف، المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة، إن تعميق التخفيضات الإنتاجية المقترح سيسهم دون شك في دعم الأسعار، خاصة مع حدوث مؤشرات قوية عن تراجع في مستوى المخزونات بشكل مفاجئ، ما يحفز الأسعار على معاودة المكاسب.


    وتابع، إذا أضيف إلى ذلك توقعات تسجيل تقدم في مفاوضات التجارة وتراجع في مخاوف النمو، فإن ذلك يعني أن السوق ربما تكون على أعتاب فترة أفضل في أداء الأسعار، وفي علاقة التوازن بين العرض والطلب.
    ولفت إلى أن خطة "أوبك +" أسهمت في امتصاص تداعيات الزيادات المتلاحقة في الإنتاج الأمريكي، الذي سجل بالفعل مستويات قياسية فوق 12 مليون برميل يوميا، منوها إلى حالة التمدد في الإنتاج الأمريكي – بحسب عديد من التقارير الدولية – ولن تستمر طويلا، وأن ملامح خريطة الطاقة العالمية في تبدل مستمر.
    وخفضت شركات الطاقة الأمريكية عدد منصات الحفر النفطية العاملة هذا الأسبوع، ما أدى إلى تراجع قياسي للشهر الـ11 في الوقت، الذي يمضي فيه المنتجون قدما في خطط لخفض الإنفاق على عمليات الحفر الجديدة.
    وقالت وزارة الطاقة الروسية يوم الجمعة، إنها تواصل التعاون الوثيق مع السعودية ومنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجين للنفط من خارج المنظمة لتحسين استقرار السوق والقابلية للتنبؤ به.
    وتنفذ مجموعة "أوبك+"، وهي تحالف يضم أعضاء "أوبك" ومنتجين كبارا آخرين من بينهم روسيا، منذ يناير اتفاقا لخفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا.
    ويستمر الاتفاق حتى آذار (مارس) 2020 ويجتمع المنتجون لمراجعة السياسة يومي الخامس والسادس من ديسمبر.
    من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" ليسجل سعرها 62.16 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 61.63 دولار للبرميل في اليوم السابق.
    وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق رابع ارتفاع له على التوالي، وأن السلة كسبت نحو دولارين، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي البالغ حينها 60.06 دولار للبرميل.

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية